ابو بكر الصديق
مع أطفالها فقد لا تفعل ذلك مع جيرانها أو معارفها أو أقاربها أو حتى مع زوجها أما المؤمن الذي يفعل ذلك فإنه ينكر ذاته في حياته كلها مع القريب والبعيد مع الأهل وغيرهم مع الأصحاب وغير الأصحاب بل قد يفعل ذلك مع من أخطأ في حقه وآذاه صفة عجيبة حقا صعبة عالية جدا في أعلى درجات سلم الإيمان.
أين حظ النفس عند الصديق
ولقد كان الصديق من أروع الأمثلة الإسلامية على صفة إنكار الذات أنكر الصديق ذاته في حق الله فلا يأمره الله بشيء ولا ينهى عن شيء إلا امتثل واستجاب مهما كانت التضحيات الصديق أنكر ذاته في حق رسول الله ومواقفه في إنكار ذاته مع الرسول لا تحصى فهو لم يكن يرى نفسه مطلقا بجوار رسول الله والصديق قد أنكر ذاته مع المؤمنين حتى من أخطأ في حقه منهم بل حتى من تجاوز خطؤه الحدود المألوفة المعروفة بين الناس ابحث في حياة الصديق ونقب أين حظ النفس عند الصديق لا تجد أين إشباع الرغبات الطبيعية عند البشر من حب للمال وحب للجاه والسلطان وحب للسعادة وحب الظهور بل حب الحياة أين ذلك عند الصديق لن تجده أبدا مثال عجيب من البشر وآية من آيات الرحمن في خلقه ولعلنا نكتفي هنا بالمرور السريع على مثال من إنكار الصديق لذاته ولعلنا نتوقف عند المال مثلا. أين حظ الصديق من ماله جبل الصديق على حب العطاء حتى لتشعر وأنت تقرأ سيرته أنه يستمتع بالعطاء ويبحث عنه وهذا شيء عجيب فالإنسان بصفة عامة جبل على حب المال حبا شديدا قال وتحبون المال حبا جما الفجر 20. وقال قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي إذا لأمسكتم خشية الإنفاق وكان الإنسان قتورا الإسراء 100. أي شديد البخل وشديد المنع الصديق لم يكن كذلك وسبحان الذي سواه على هذه الصورة فالصديق كان يحب الإنفاق حتى في الجاهلية قبل أن يسلم. عمله في ضمان الديات كان قبل إسلامه مسئولا عن ضمان الديات والمغارم في مكة فإذا سأل قريشا ضمانا قبلوه وإذا سألهم غيره خذلوه وهذا عمل خطېر فقد يتحمل الصديق دية رجل ثم لا يوفي أهله فيكون على الصديق قضاؤها أي أنه عمل فيه خسارة ويحتاج إلى كثير من المال وإلى نفس راغبة في قضاء حوائج الناس وتحمل مغارمهم إذا كان هذا هو الصديق قبل إسلامه فما بالكم بعد أن أسلم ما بالكم كيف يكون حاله إذا سمع من رسول الله حديثا قدسيا ينقله عن رب العزة يقول فيه الله تعالى انفق يا ابن آدم أنفق عليك. وذلك كما روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة بل كيف يكون حاله وقد سمع رسول الله يقسم أن مال العبد لا