الخميس 21 نوفمبر 2024

ابو الدرداء

انت في الصفحة 2 من 4 صفحات

موقع أيام نيوز

الحكمة والصدق من خلال كلماته.. انه يسارع قبل أن نسأله وهل حرم الله التجارة يا أبا الدرداء... يسارع فينفض عن خواطرنا هذا التساؤول ويشير الى الهدف الأسمى الذي كان ينشده ومن أجله ترك التجارة برغم نجاحه فيها.. لقد كان رجلا ينشد تخصصا روحيا وتفوقا يرنو الى أقصى درجات الكمال الميسور لبني الانسان.. لقد أراد العبادة كمعراج يرفعه الى عالم الخير الأسمى ويشارف به الحق في جلاله والحقيقة في مشرقها ولو أرادها مجرد تكاليف تؤدى ومحظورات تترك لاستطاع أن يجمع بينها وبين تجارته وأعماله... فكم من تجار صالحين.. وكم من صالحين تجار... ولقد كان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم   منهجهم فكل ميسر لما خلق له.. وأبو الدرداء يحس احساسا صادقا أنه خلق لما نذر له حياته.. التخصص في نشدان الحقيقة بممارسة أقصى حالات التبتل وفق الايمان الذي هداه اليه ربه ورسوله والاسلام.. سموه ان شئتم تصوفا.. ولكنه تصوف رجل توفر له فطنة المؤمن وقدرة الفيلسوف وتجربة المحارب وفقه الصحابي ما جعل تصوفه حركة حية في لبناء الروح لا مجرد ظلال صالحة لهذا البناء..!! أجل.. ذلك هو أبو الدرداء صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتلميذه.. وذلكم هو أبو الدرداء الحكيم القديس.. ورجل دفع الدنيا بكلتا راحتيه وزادها بصدره.. رجل عكف على نفسه وصقلها وزكاها وحتى صارت مرآة صافية انعكس عليها من الحكمة والصواب والخير ما جعل من أبي الدرداء معلما عظيما وحكيما قويما.. سعداء أولئك الذين يقبلون عليه ويصغون اليه.. ألا تعالوا نفقترب من حكمته يا أولي الألباب.. ولنبدأ بفلسفته تجاه الدنيا وتجاه مباهجها وزخارفها.. انه متأثر حتى أعماق روحه بآيات القرآن الرادعة عن الذي جمع مالا وعدده.. يحسب أن ماله اخلده... ومتأثر حتى أعماق روحه بقول الرسول ما قل وكفى خير مما كثر وألهى.. ويقول عليه السلام تفرغوا من هموم الدنيا ما استطعتم فانه من كانت الدنيا أكبر همه فرق الله شمله وجعل فقره بين عينيه.. ومن كانت الآخرة أكبر همه جمع شمله وجعل غناه في قلبه وكان الله اليه بكل خير أسرع. من أجل ذلك كان يرثي لأولئك الذين وقعوا أسرى طموح الثروة ويقول اللهم اني أعوذ بك من شتات القلب.. سئل وما شتات القلب يا أبا الدرداء.. فأجاب أن يكون لي في كل واد مال..!! وهو يدعو الناس الى امتلاك الدنيا والاستغناء عنها.. فذلك هو الامتلاك الحقيقي لها.. أما الجري وراء أطماعها التي لا تؤذن بالانتهاء فذلك شړ ألوان العبودية والرق. هنالك يقول من لم يكن غنيا عن الدنيا فلا دنيا له.. والمال عنده وسيلة للعيش القنوع تامعتدل ليس غير. ومن ثم فان على الناس أن يأخذوه من حلال وأن يكسبوه في رفق واعتدال لا في جشع وتهالك. فهو يقول لا تأكل الا طيبا.. ولا تكسب الا طيبا.. ولا تدخل بيتك الا طيبا. ويكتب لصاحب له فيقول .. أما بعد فلست في شيء من عرض الدنيا والا وقد كان لغيرك قبلك.. وهو صائر لغيرك بعدك.. وليس لك منه الا ما قدمت لنفسك... فآثرها على من تجمع المال له من ولدك ليكون له ارثا فأنت انما تجمع لواحد

انت في الصفحة 2 من 4 صفحات