ابو بكر الصديق
ابن الدغنة فطاف ابن الدغنة عشية في أشراف قريش فقال لهم أتخرجون رجلا يكسب المعډوم ويصل الرحم ويحمل الكل ويقري الضيف ويعين على نوائب الحق فلم تكذب قريش بجوار ابن الدغنة وقالوا لابن الدغنة مر أبا بكر فليعبد ربه في داره فليصل فيها وليقرأ ما شاء ولا يؤذينا بذلك ولا يستعلن به فإنا نخشى أن يفتن نساءنا وأبناءنا. لأن قلوب النساء والأبناء قلوب رقيقة وأبو بكر رجل رقيق يخرج كلامه من القلب فيصل إلى القلوب الرقيقة المفتقرة للمعرفة لكنهم لا يخشون على الرجال فقلوبهم كانت قاسېة عرفت الحق واتبعت غيره. فقال ابن الدغنة ذلك لأبي بكر فلبث أبو بكر بذلك يعبد ربه في داره ولا يستعلن بصلاته ولا يقرأ في غير داره يعني لا يقرأ في الكعبة ولا في مجالس التقاء الناس ولا في السوق ثم بدا لأبي بكر فابتنى مسجدا بفناء داره وكان يصلي فيه ويقرأ القرآن فيتقذف عليه نساء المشركين وأبناؤهم وهم يعجبون منه وينظرون إليه. لا يريد أن يكتم أمر الدعوة تتحرق نفسه شوقا لإسماع غيره كلام الله وتشفق روحه على أولئك الذين سيذهبون إلى الڼار إذا ماتوا على كفرهم تماما كرسول الله الذي خاطبه ربه بقوله لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين الشعراء 3. هكذا كان أبو بكر الصديق .
كان أبو بكر رجلا بكاء لا يملك عينيه إذا قرأ القرآن ولقد أفزع ذلك أشراف قريش من المشركين فأرسلوا إلى ابن الدغنة فقدم عليهم فقالوا إنا كنا أجرنا أبا بكر بجوارك على أن يعبد ربه في داره فقد جاوز ذلك فابتنى مسجدا في فناء داره فأعلن بالصلاة والقراءة فيه وإنا قد خشينا أن يفتن نساءنا وأبناءنا فانهه. وهذا أمر طبيعي جدا فإذا وصلت كلمات الله وكلمات الرسول خالصة نقية إلى أسماع الناس وجردوا قلوبهم من المصالح فمن الطبيعي جدا أن يؤمنوا بها فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون الروم 30. وطبيعي جدا أن يقاتل الكافرون دون ذلك وهم يعلمون صوابها وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا النمل 14. قالوا فإن أحب أن يقتصر على أن يعبد ربه في داره فعل وإن أبى إلا أن يعلن بذلك فسله أن يرد إليك ذمتك فإنا قد كرهنا أن نخفرك ولسنا مقرين لأبي بكر الاستعلان. هنا وضع ابن الدغنة في موقف حرج فهو لا يريد أن يخسر كل أهل قريش كما أنه ليس من أهل مكة الأصليين ويبدو أن الكفر الشديد والعناد الكبير سيجعل مكة تغير من قوانينها وأصولها فتكسر قواعد الحماية وتعطل قانون الإجارة ولذا قالت عائشة فأتى ابن الدغنة إلى أبي